يضطلع قطاع البناء بدور محوري في جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها عدة بلدان لعدة أسباب، ليس آخرها ضخامة الكتلة العمّالية التي تشارك في أشغال البناء. رغم هذا السبب الجوهري، غالباً ما تكون علاقة العمل، وهي الرابط القانوني القائم بين العمّال وأصحاب العمل، في هذا المجال ضبابية، ما يفضي باستمرار إلى حرمان العمّال من بعض الحقوق والمنافع، ناهيك عن الأخطار الجمّة التي يتعرّض لها العمّال في أغلب الأحيان. في المحصّلة، من الصعب اعتبار ظروف العمل السائدة في مواقع بناء كثيرة بالظروف “اللائقة”، ما دامت لا تضمن للعمّال بيئة عمل تراعي مبادئ الإنصاف والعدالة والسامة والصحة.

لذلك، تشغل أعمال التفتيش التي يقوم بها مفتشو العمل حيّزاً هاماً لجهة ضمان الالتزام بالتشريعات، والعمل بالتالي على توفير ظروف العمل اللائق للعمّال في شتّى القطاعات، بما فيها قطاع البناء. ويهدف هذا الدليل إلى مساعدة المفتشين على أداء وظيفتهم من خال تزويدهم بمعلومات عملية، بصيغةٍ يسهل عليهم فهمها، حول منهجية عمل مقترحة لإجراء عمليات تفتيش على أشغال البناء. تنطلق تلك المنهجية من التخطيط الازم لزيارة التفتيش بحدّ ذاتها وصولاً إلى رفع التقارير حول النتائج التي آلت إليها، بالإضافة إلى أنها تزوّد المفتشين بمعلومات تقنية، يضعونها بدورهم في متناول أصحاب العمل والعمّال، حرصاً على ترسيخ معايير “العمل اللائق“.

يتناول الدليل بالتفصيل عدة ظروف عمل يتعيّن على المفتشين معاينتها، فضاً عن الأخطار التي قد يتعرض لها العمّال. ويوثّق تدابير السامة المعترف بها دولياً، والتي تسهم عند تطبيقها في الحدّ من احتمالات تعرّض العمّال للحوادث والأمراض المهنية.