معايير العمل الدولية

اتفاقية العمل البحري لعام 2006: ما هي، ما دورها، وآليات عملها؟

مع اقتراب دخول اتفاقية العمل البحري حيز التنفيذ في 20 آب/أغسطس، أعدت منظمة العمل الدولية دليلاً حول هذا الميثاق التاريخي لحقوق البحارة.

مقالة | ١٤ أغسطس, ٢٠١٣
جنيف – يتواصل الدعم العالمي المتزايد لاتفاقية العمل البحري الصادرة عن منظمة العمل الدولية مع اقتراب دخولها حيز التنفيذ. وقد سجلت المنظمة حتى الآن 41 مصادقة على الاتفاقية من جانب دول أعضاء في المنظمة ومسؤولة عن تنظيم ظروف البحارة العاملين على سفن تستوعب أكثر من 75 في المائة من إجمالي حمولات السفن في العالم.

وعندما تصبح الاتفاقية المعروفة ب "اتفاقية العمل البحري 2006" سارية المفعول في 20 آب/أغسطس وتغدو ملزِمة في القانون الدولي فإنها ستحدد المعايير الدنيا لعمل ومعيشة جميع البحارة العاملين على هذه السفن. كما ستغدو خطوة أساسية نحو تحقيق منافسة عادلة بين أصحاب السفن الجيدة التي ترفع أعلام دول صادقت عليها.

العمل اللائق والمنافسة العادلة

اعتُمدت اتفاقية العمل البحري 2006 من جانب ممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال في مؤتمر عمل دولي خاص بالمنظمة في شهر شباط/فبراير 2006 بهدف تحديد المعايير الدولية لأول صناعة عالمية حقيقية في العالم. وتُعتبر هذه الاتفاقية التي تُعرف على نطاق واسع باسم "ميثاق حقوق البحارة" فريدة من نوعها نظراً لتأثيرها على البحارة وعلى أصحاب السفن الجيدة في آن معاً.

وتنص هذه الاتفاقية الشاملة على حق البحارة في العمل بظروف لائقة تشكل جميع جوانب عملهم وحياتهم تقريباً، بما في ذلك الحد الأدنى للسن، وعقود التوظيف/الاستخدام، وساعات العمل والراحة، ودفع الأجور، والإجازة السنوية مدفوعة الأجر، والعودة إلى الوطن عند انتهاء العقد، والرعاية الطبية على متن السفن، واستخدام خدمات التوظيف والتعيين الخاصة المرخصة، والسكن، والغذاء، والتموين، وحماية الصحة والسلامة المهنية، والوقاية من الحوادث، ومعالجة شكاوى البحارة.

وقد وُضعت الاتفاقية بحيث تكون قابلة للتطبيق على الصعيد العالمي وبشكل موحد، وبحيث يسهل فهمها وتحديثها. وهي ستصبح الركن الرابع من أركان النظام القانوني الدولي الخاص بالشحن عالي الجودة، مكملة بذلك الاتفاقيات الرئيسية للمنظمة البحرية الدولية المعنية بأمن وسلامة السفن وحماية البيئة البحرية.

وتقول كليوباترا دومبيا-هنري مديرة قسم معايير العمل الدولية في منظمة العمل الدولية والتي أدارت عملية إعداد الاتفاقية واعتمادها ووضعها موضع التنفيذ منذ بدايتها: "تُظهر هذه الاتفاقية كيف يستطيع الحوار الثلاثي والتعاون الدولي العمل بصورة بناءة في معظم الصناعات المعولمة بهدف التصدي بشكل ملموس للتحديات التي تعيق تأمين ظروف عمل ومعيشة لائقة للبحارة، مع المساعدة في تحقيق منافسة عادلة بين أصحاب السفن".

ارتفاع معدل المصادقة وشروط صارمة

تُعتبر شروط دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ صارمة بحيث تؤدي إلى تغيير حقيقي بالنسبة للبحارة ومالكي السفن وكي لا ينظر إليها بصفتها "نمر من ورق". وقد كان الشغل الشاغل هو ضمان كسب دعم قوي لهذه الاتفاقية من قطاع النقل البحري، لاسيما الدول التي تسجل فيها السفن، قبل أن تصبح سارية المفعول.

وعادة ما تصبح اتفاقيات منظمة العمل الدولية ملزمة بموجب القانون الدولي بعد مضي عام كامل على مصادقة الدولة المعنية عليها. وكي تصبح هذه الاتفاقية سارية المفعول، وجب تسجيل ما لا يقل عن ثلاثين مصادقة لدول تمثل 33 في المائة على الأقل من إجمالي حمولة السفن في العالم. (تحقَّق شرط حمولة السفن في عام 2009).

تقول دكتورة دومبيا-هنري: "وهكذا كانت سرعة المصادقات ونطاقها لافتة للنظر لأن شروط دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وُضعت بشكل مقصود بحيث تكون الأكثر صرامة بين جميع اتفاقيات منظمة العمل الدولية".

ومع ازدياد وتيرة المصادقة، تُنفذ صناعة النقل البحري الاتفاقية بفاعلية وغالباً قبل الحكومات بوقت طويل. ومن المتوقع أن تحصل الاتفاقية في نهاية المطاف على مصادقة عالمية من الدول الأعضاء ذات الصلة في منظمة العمل الدولية.

وتنص الاتفاقية على أن السفن التجارية العاملة في رحلات دولية ويبلغ إجمالي حمولتها 500 طن فأكثر وتخضع لأحكامها يجب، بين أمور أخرى، أن تملك وثيقتين محددتين هما: شهادة العمل البحري، وإعلان الالتزام بالعمل البحري، اللتين تقدمان دليلاً ظاهرياً على أن هذه السفن تمتثل لشروط الاتفاقية.

وستجري معاينة هاتين الوثيقتين عند وصول السفن إلى مرافئ دول أخرى صادقت على الاتفاقية. علاوة على ذلك، ستخضع السفن التي ترفع أعلام بلدان لم تصادق على الاتفاقية للتفتيش لدى دخولها موانئ دول بدأت بتطبيق الاتفاقية وذلك للتحقق من ظروف عمل البحارة ومعيشتهم. ويُعتبر هذا التفتيش الذي يحمل اسم "لا معاملة تفضيلية بعد الآن" أحد الجوانب المهمة التي تساعد في تحقيق منافسة عادلة بين مالكي السفن الملتزمين بأحكام الاتفاقية.

إضافة إلى ذلك، تصبح الدول الأخرى التي صادقت على الاتفاقية بعد الدول الثلاثين الأولى التي أدخلتها حيز التنفيذ خاضعة للاتفاقية بعد عام من تاريخ مصادقتها عليها.

معيار دولي لقطاع عالمي

تسري اتفاقية العمل البحري 2006 على طائفة واسعة من السفن العاملة في رحلات دولية أو وطنية أو محلية، باستثناء تلك التي تبحر حصرياً في مياه داخلية، أو في مياه واقعة ضمن أو مجاورة لمياه محمية، أو مناطق تنطبق عليها لوائح الموانئ. كما تسري على السفن المشاركة في الصيد وفي أمور مماثلة، والسفن التقليدية كالمراكب والسفن الشراعية، والسفن الحربية والزوارق المساندة لها.

وتتضمن الاتفاقية عناصر جديدة مخمة خاصة بالامتثال والتطبيق تقوم على تفتيش الدولة صاحبة العلم وعلى رقابة الدولة على الميناء. وقد وضعت منظمة العمل الدولية عدداً من الموارد مثل المبادئ التوجيهية لتفتيش الدول صاحبة العلم، ولرقابة دولة الميناء، فضلاً عن ورشات عمل تساعد في تدريب المفتشين وتساعد المستشار القانوني الوطني والموظفين المعنيين بالمصادقة على الاتفاقية وتنفيذها بشكل قانوني.

وتقدم أكاديمية العمل البحري، ومقرها في مركز التدريب الدولي التابع للمنظمة في مدينة تورين بإيطاليا، مجموعة شاملة من الأنشطة التدريبية الخاصة بالاتفاقية.