تعليق من المدير العام لمنطمة العمل الدولية

مطلوب طريقة تفكير جديدة بشأن هجرة اليد العاملة

يناقش المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر سبل تحسين ادارة هجرة اليد العاملة لصالح الجميع خلال الحوار الرفيع المستوى عن الهجرة الدولية والتنمية الذي ينعقد في نيويورك.

تعليق | ٠٣ أكتوبر, ٢٠١٣
يمثل "الحوار رفيع المستوى عن الهجرة الدولية والتنمية" الذي يُقام هذا الأسبوع في مدينة نيويورك فرصة جيدة لمعالجة مسألة ملحة وهي كيفية إدارة حركة هجرة اليد العاملة عالمياً وضمان تأثيرها إيجاباً على بلدان المنشأ وبلدان المقصد على السواء.

تشير التقديرات إلى وجود 232 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم، وأعدادهم آخذة بالارتفاع. ويعود ذلك إلى أسباب عدة، منها تغير الاتجاهات الديمغرافية، وتعمق عدم المساواة الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، والأزمات البيئية غير المتوقعة.

لا يغادر معظم المهاجرين أوطانهم طواعية بل بحكم الضرورة جراء عدم وجود فرص عمل ودخل لائقين. وللأسف، أغلبهم يذهب في رحلته هذه في ظروف يائسة ومحفوفة بالمخاطر، ويصبحون لدى وصولهم إلى وجهتهم أو حتى عندما يعودون إلى أرض الوطن عرضة للتمييز.

كما تغدو النساء والعمال الشباب وأصحاب المهارات المتدنية والعمال ذوي الأوضاع غير النظامية عرضة للاستغلال أكثر من غيرهم. وليس من غير المألوف أن يُحرم العامل المهاجر من حقوقه الأساسية في العمل، مثل الحرية النقابية، والمفاوضة الجماعية، وعدم التمييز، والحد الأدنى للأجور. وفي أسوأ الأحوال، قد يصبح ضحية للعمل الجبري وللاتجار بالبشر.

ومع ذلك، يلعب العمال المهاجرون دوراً رئيسياً في الاقتصاد. فهم يشترون السلع والخدمات، ويدفعون الضرائب، ويؤسسون مشاريع صغيرة تخلق فرص عمل. كما أنهم يرسلون الأموال إلى الوطن (أُرسل أكثر من 400 مليار دولار إلى الدول النامية في عام 2012) فتستفيد منها أسرهم ومجتمعاتهم المحلية.

ونظراً للحالة الراهنة للاقتصاد العالمي وآفاقه المستقبلية، من المرجح أن تزداد تدفقات الهجرة وتغدو أكثر تعقيداً، خاصة مع توقع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل عالمياً من 202 مليون حالياً إلى 208 مليون بحلول العام 2015، ما يشكل تحدياً هائلاً أمام المجتمع الدولي، بيد أنه يقدم لنا فرصة كبيرة لمضاعفة جهودنا وتغيير طريقة تعاملنا مع موضوع الهجرة.

ونحن الآن نناقش أجندة التنمية العالمية التي ستدخل حيز التنفيذ مع انتهاء مهلة الأهداف الإنمائية للألفية في العام 2015. وينبغي أن تشكل الهجرة موضوعاً رئيسياً في هذا النقاش، إذ ليس في وسعنا التخلي عن المهاجرين وترك الأقدار تتلاعب بهم. لا يستفيد أحد من ذلك.

وما نحتاجه بالحد الأدنى هو عمل عالمي يحمي حقوق العمال المهاجرين ومصالحهم. ليس من الضروري أن نبدأ من نقطة الصفر. ففي عام 2006، اعتمدت منظمة العمل الدولية إطاراً متعدد الأطراف يقدم مجموعة مبادئ وارشادات غير ملزِمة من اجل نهج قائم على الحقوق ازاء هجرة الايدي العاملة. وقد تضمن هذا الإطار أيضاً أمثلة عن ممارسات جيدة طبقتها فيما بعد مختلف البلدان، وهو يُعد نقطة انطلاق جيدة لإجراء مناقشة أوسع.

نحن بحاجة لتجاوز النقاشات من حيث الأعداد والتدفقات والتحويلات المالية ونحو اتخاذ تدابير ملموسة يكون جوهرها هو معايير العمل الدولية بهدف تحسين حوكمة هجرة اليد العاملة بحيث نعمل على إشراك وزارات العمل، فضلاً عن منظمات العمال وأصحاب العمل، وهي الجهات الفاعلة الرئيسية في الاقتصاد الحقيقي.

لم يُستثمر إلا القليل على الصعيدين الوطني والإقليمي لحماية حقوق العمال المهاجرين، لاسيما في القطاعات الاقتصادية التي تكون فيها المخاطر مرتفعة من حيث عمليات التوظيف، وظروف العمل، والأجور، والضمان الاجتماعي، كقطاعات الزراعة والعمل المنزلي والبناء.

وينبغي لنا أن نعترف بمؤهلات المهاجرين وأن نضمن تطابق مهاراتهم مع وظائفهم لتجنب هدر المواهب وعدم تحقق مطالب أصحاب العمل. كما يجب أن نزيد الوعي بأهمية إسهامات المهاجرين الإيجابية في بلدان المقصد.

ويمكن أن تقودنا السياسات الجيدة لهجرة اليد العاملة نحو مستقبل أكثر إنصافاً. ومن هذه السياسات: الحد من التمييز، ودعم العمال المهاجرين لاستخدام التحويلات المالية بهدف خلق فرص عمل جديدة في أوطانهم، وتحسين فرص وصولهم إلى مؤسسات سوق العمل الرئيسية، والنظر في الحد الأدنى من الأجور، ووضع مخططات تتيح للعاملين تسوية أوضاعهم.

ويتعين علينا أيضاً معرفة أي السياسات ناجحة وتحت أي ظرف من الظروف. ويمكن أن تساعد النتائج الحكومات في فهم سوق العمل وإعادة توجيه سياسات العمل والهجرة بما يفيد جميع العمال وليس المهاجرين فقط.

يُعتبر اجتماع هذا الأسبوع في نيويورك لحظة مثالية لبدء الحديث عن كل ذلك. فلنبدأ بالعمل.